Uncategorized

فدوى سليمان: المُمثِّلة التي أصبحت وجهاً للمقاومة والضمير السوري

فدوى سليمان: المُمثِّلة التي أصبحت وجهاً للمقاومة والضمير السوري

“إذا اختفت الكلمات، يبقى الصمتُ خيانةً؛ وإذا سكتَ النجمُ، يبقى نورُه وقعاً لا يُمحى.” — هكذا كانت فدوى، تضيء بنورها حتى لو اختبأت بين الظلال.


من هي فدوى سليمان؟

ولدت فدوى سليمان في 17 مايو 1970 في مدينة حلب، سوريا. Vikipedi+2SuriyeBilgisi+2
درست التمثيل والفنون في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، حيث بدأت تشقّ طريقها في عالم المسرح، التلفزيون، والسينما، قبل أن يتحوّل ذلك المسار إلى عملٍ أكثر جرأة ومسؤولية عندما انتفضت سوريا. SuriyeBilgisi+2ARABLIT & ARABLIT QUARTERLY+2


التمثيل والفن: بداية الصوت

فدوى لم تكن تُمثّل فقط، بل كانت تختار أدوارًا تُثير الضمير:

  • لعبت أدوارًا في مسرحيات مثل صوت ماريا و ميديا، وعدة مسلسلات تلفزيونية معروفة. Vikipedi+2SuriyeBilgisi+2

  • شاركت أيضاً في أعمال تلفزيونية تهتم بقضايا اجتماعية إنسانية، مثل مسلسل القلوب الصغيرة، الذي سلط الضوء على موضوعات مثل الاتجار بالأعضاء البشرية. Vikipedi+1

من خلال الفن، اكتسبت حضوراً ثقافياً، ومعنىً في الفضاء العام؛ الجمهور يعرفها كممثلة، لكن لم يكن يعلم ما يمكن أن تكون عليه عندما يتقاطع الفن مع الكرامة والموقف.


الثورة والموقف العام: من خشبة المسرح إلى الشارع

عندما اندلعت الثورة السورية في عام 2011، لم تبقَ فدوى على الحياد:

  • خرجت للشارع، وشاركت في احتجاجات سلمية في حمص، لتكون من بين الأصوات القليلة في الوسط الفني التي عبرت علنًا عن رفضها للنظام السوري. Vikipedi+2SuriyeBilgisi+2

  • كانت من المجتمع العلوي، مثل بشار الأسد وحاشيته، لكنها رفضت أن تُستخدم هذه الانتمائية لتبرير ما تقوم به السلطة باسم الطائفة، أو لإشاعة الانقسام الطائفي. من خلال مشاركتها، أرادت أن تقول: لا، ليس كل العلويين مع النظام، ولا كل الذين يخرجون مطالبين بالحرية هم “إرهابيون”. SuriyeBilgisi+1

  • في مظاهرات حمص، مشاركة أمام الناس ووقفٌ على المنصة إلى جانب أسماء معروفة مثل عبد الباسط سارووت، داعية إلى استمرار الاحتجاج السلمي وعدم الانجرار إلى العنف. SuriyeBilgisi+1


المخاطر والتهجير: حين يصبح التعبير جريمة

الموقف العام لم يأتِ بلا ثمن:

  • النظام بدأ يراها تهديدًا؛ فكانت تتعرض للملاحقة، وتبحث الأجهز الأمنية عنها في أحياء حمص. في إحدى الحالات، تمّ تعذيب مدنيين كي يكشفوا عن مكان اختبائها. SuriyeBilgisi+1

  • من أجل الحفاظ على أمنها، قطعت شعرها قصيرًا لتغيّر مظهرها، وتنقلت بنفسها من بيت إلى بيت هربًا من الملاحقة. Vikipedi+1

  • في النهاية، غادرت سوريا في 2012، ثم استقرت في باريس كلاجئة سياسية. Vikipedi+1


الكتابة والشعر: صوت آخر لا ينطفئ

إلى جانب التمثيل والنشاط الاحتجاجي، فدوى اختارت الكتابة:

  • نشرت أول ديوان شعر بعنوان “مع بزوغ القمر” في العام 2013، وترجمت بعض أشعارها لاحقًا إلى الفرنسية. ARABLIT & ARABLIT QUARTERLY+2Vikipedi+2

  • ديوانٌ ثانٍ صدر بعنوان “في الظلمة المبهرة” بالنسخة العربية/الفرنسية في العام 2017، يحتوي على نصوص تعبّر عن الألم، الحنين، التحدي، وتطلعات الوطن الذي توقفت أنفاسه قليلاً، لكن روحه لا تزال تحاول أن تحيى. Vikipedi+1


النهاية التي لا تُنسى

  • توفيت فدوى سليمان في 17 أغسطس 2017 بباريس، بعد صراع مع مرض السرطان، وهي في سن 47 عامًا. Vikipedi+2ARABLIT & ARABLIT QUARTERLY+2

  • رغم رحيلها، تركت وراءها إرثًا إنسانيًّا فنيًّا وسياسيًّا، لم يُحجب بحجم المعاناة، بل تجلى في قوة الصوت، في مدى الشجاعة، في صدق الموقف.


لماذا تبقى فدوى سليمان مؤثرة حتى بعد رحيلها؟

  1. التمازج بين الفن واليقظة: لم تكن مجرد فنانة، بل فنانة تُدرك أن الفن لا يكتمل إذا لم يكن معبِّرًا، إذا لم يقف في وجه الظلم.

  2. رمزٌ للتضحية والشجاعة: من بيت العلويين إلى ميدان حمص؛ من مسرح إلى الشارع؛ من الواجهة إلى المخابئ؛ كلها مراحل أظهرت أن الشجاعة ليست غياب الخوف، بل الاستمرار في المواجهة رغم الخطر.

  3. كتاباتها تُكمل صوتها العملي: الشعر جعل صوتها لا يقتصر على لحظة الاحتجاج، بل يتّسع ليحمل الذكرى، الأمل، الحُلم بسرقة مستمرة لما يمكن أن يكون غدًا.

  4. تجربة إنسانية يُستمد منها الأمل: كثيرٌ من الذين عاشوا الحرب والبركان السوري وجدوا في فدوى مثالاً: أنه يمكن أن يكون هناك من يتكلم بصدق، من يخاطر بحياته من أجل الحرية، وأن الصوت يُحدث فرقًا — ولو بسيطًا — في قلب الظلام.


خاتمة

فدوى سليمان لم تغب، مهما رحلت، لأنها أصبحت فصلًا ثابتًا في قصة السوريين الذين رفضوا الاستسلام. صوتها لم يُخمد، كلماتها لا تُمحى، وموقفها ظلّ تحذيراً لكل من يعتقد أن الفن يُجرد من المسؤولية، أو أن الانتماء الطائفي يُقوي الظلم.

هي لم تكتفِ بعمل تمثيلي، بل جسدت معنى أن التمثيل يمكن أن يكون مقاومة، أن المشهد يمكن أن يكون منبرًا، وأن الإنسان — حتى لو فرّ من بلده — يمكن أن يحمل وطنه في ضميره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *