نجاة عبد الصمد: الطبيبة الكاتبة التي أوثقت وجع السوريين
نجاة عبد الصمد: الطبيبة الكاتبة التي أوثقت وجع السوريين
في خضم الثورة السورية التي فجّرت أصوات الحرية من كل مكان، برزت أسماء نسائية كثيرة جسّدن معنى التضحية والإصرار، ومن بينهن كانت نجاة عبد الصمد، الطبيبة والكاتبة السورية، التي اختارت أن تكون شاهدة على الحقيقة، وناقلةً لصوت المعاناة الذي حاولت آلة القمع طمسه.
النشأة والمسيرة
نجاة عبد الصمد وُلدت في مدينة السويداء عام 1967، وتخصصت في الطب النفسي. لكنّها لم تكتفِ بممارسة الطب كوظيفة، بل وظّفت معرفتها في النفس الإنسانية لتغوص في عمق الألم السوري وتوثّقه أدبيًا وإنسانيًا.
حضورها في الثورة
منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي عام 2011، وقفت نجاة عبد الصمد إلى جانب مطالب الناس، وكرّست قلمها وصوتها لرواية الحقيقة. لم تحمل سلاحًا ولم تنخرط في السياسة المباشرة، بل حملت الكلمة كسلاحها الأصدق، مؤمنة أن الكلمة قد تهزّ الضمير العالمي.
مؤلفاتها وشهاداتها
قدّمت نجاة عبد الصمد أعمالًا أدبية وإنسانية مهمة، أبرزها:
-
“كوابيس في بلاد الأمان”: شهادات مباشرة عن العنف والاعتقال وما عاناه السوريون، من خلال قصص حقيقية وأصوات نساء ورجال عاشوا الرعب.
-
“نساء تقاعدن مبكرًا”: كتاب تناول فيه معاناة المرأة السورية بين القهر الاجتماعي وظلال الحرب.
-
مقالات ودراسات في الطب النفسي، ربطت فيها بين الألم الفردي والجماعي في زمن الثورة.
تحدياتها
لم يكن الطريق أمامها سهلًا؛ فالكلمة في زمن القمع قد تكون جريمة. تعرضت نجاة للملاحقة والضغط، واضطرت إلى مغادرة سوريا لتكمل رسالتها من المنفى. لكنها لم تتخلّ عن قضيتها، بل زادها الغياب إصرارًا على أن تكون صدى لوجع السوريين.
إرثها الإنساني والفكري
ما يميز نجاة عبد الصمد أنها لم تكن مجرّد شاهدة محايدة، بل كانت طبيبة تُشخّص جراح المجتمع، وكاتبة تُحوّل الصمت إلى كلمات. تركت أثرًا عميقًا في الذاكرة السورية، خصوصًا في إبراز دور النساء ومعاناتهن، لتبقى صوتًا صادقًا في زمن اختلطت فيه الأصوات.
خاتمة
إن الحديث عن نجاة عبد الصمد هو حديث عن امرأة جمعت بين العلم والأدب والنضال، وعن قلمٍ قاوم بصمته وصدقه أكثر مما قد تقاومه الأسلحة. ستظل كتاباتها منارة توثّق لحقبة مظلمة من تاريخ سوريا، وتشهد أن المرأة السورية كانت وما زالت في طليعة الكفاح من أجل الكرامة والحرية.