نور قلعه جي

نور قلعه جي… من الغربة إلى صناعة النور
في إسطنبول، بعيدًا عن مدينتها اللاذقية، تصنع نور قلعه جي حياة جديدة من الشمع والكونكريت، وتمزج الغربة بالإبداع لتضيء طريقها وطريق العشرات من النساء اللواتي تدربن على يديها.
بدايات من القلب
نور، الأم السورية لولدين، درست التصميم الداخلي، لكنها وجدت نفسها أمام تحدي الأمومة والغربة. أرادت عملًا يسمح لها بالبقاء قريبة من أطفالها، وفي الوقت ذاته يحقق لها حضورًا مميزًا.
بعد أن تركت مجال الفريلانسر، وقفت حائرة: كيف يمكن أن تستثمر شهادتها في مشروع صغير من البيت؟ لتبدأ رحلة البحث الطويلة.
أول شرارة… وأول شمعة
أشهر من التجارب والبحث عن المواد المناسبة، عشرات المحاولات بأنواع مختلفة من شمع الصويا، حتى ولدت أول شمعة بسيطة جدًا. تقول نور مبتسمة: “كانت مجرد شمعة سادة… لكن بالنسبة إلي كانت ولادة حلم.”
صديقتها المقربة كانت أول من شجعها، بينما كثيرون لم يأخذوا مشروعها بجدية في البداية، حتى الأقربون. لكن نور كانت تؤمن أن الشمع هو البداية فقط، وأن لديها طموحًا يتجاوز حدود هذا المنتج.

Candles by Nour… وأكثر
اختارت اسم مشروعها Candles by Nour (Candle and More). لم يكن اختيار كلمة “More” عبثيًا، بل رسالة واضحة بأنها لا تريد التوقف عند الشموع فقط.
أربع سنوات من العمل المتواصل حولت هذه الفكرة الصغيرة إلى مشروع متكامل في صناعة الشموع والكونكريت، يدمج الجمال بالفائدة، ويحمل بصمتها الخاصة.
صعوبات الطريق
لم يكن الطريق مفروشًا بالورود. أصعب ما واجهته نور كان الوصول إلى جمهورها. لم تكن تملك خلفية في التسويق، ولا شبكة علاقات تدعمها. لكنها واجهت ذلك بالصبر والاستمرار، وتعلمت كل يوم مهارة جديدة حتى بدأت منتجاتها تجد مكانها بين الناس.
من متعلمة إلى مُعلمة
أجمل لحظات النجاح عند نور لم تكن مع أول عملية بيع، بل مع أول ورشة تدريب. تقول: “أحلى إحساس إنك تعطي خبرتك بكل ضمير لحدا تاني حابب يتعلم عنجد.”
منذ ذلك اليوم، دربت أكثر من خمسين سيدة، كثيرات منهن أصبحن صاحبات مشاريعهن الخاصة، يضيئن بدورهن شموعًا جديدة في دروب الغربة والعمل الحر.

الداعمون والرفاق
لم تكن نور وحدها في هذه الرحلة. وقفت إلى جانبها صديقتها، أختها، وزوجها، ليمنحوها القوة في أصعب اللحظات، ويشاركوها الفرح مع كل إنجاز.
رسالة وإلهام
نور ترى أن كل امرأة قادرة على أن تخلق شيئًا من قلب التحديات. تقول:
“المرأة اللي بتربي وبتدرس وبتطلع أجيال من تحت إيديها، قادرة تعمل كل شيء. كل امرأة على هذا الكوكب موهوبة بالفطرة… إنتي أكثر مما تتوقعي.”
الحلم الكبير
لا تتوقف أحلام نور عند حدود ورشة صغيرة. بعد خمس سنوات، ترى نفسها في متجر من أربعة طوابق، يضم ورشة عمل ومساعدين، ومكانًا يفيض بالشغف والإبداع.
الخاتمة… من الغربة يولد النور
تختم نور حديثها بابتسامة ممتنة:
“بحب قول شكراً للعثرات وللغربة… لأنها خلتنا نكتشف أشياء بحالنا ما كنا منعرفها.”
قصة نور قلعه جي ليست مجرد رحلة مع الشمع، بل مع الحياة نفسها. من الغربة صنعت وطنًا صغيرًا مليئًا بالحب والإبداع، ومن الشمع صنعت نورًا يضيء لنفسها ولغيرها.