لطيفة الدروبي: بين الصمت والرمزية – السيدة الأولى لسوريا الجديدة

لطيفة الدروبي: بين الصمت والرمزية – السيدة الأولى لسوريا الجديدة
“حين ينهار كل شيء، تبرز الرموز. ليس لأنها تختار أن تُعرض، بل لأن عتبة الزمن تُجبرها على الوقوف حيث يجب أن يُرى كل شيء.”
1. من القريتين إلى العظمة الرمزية
ولدت لطيفة بنت سمير نايف الدروبي عام 1984 في بلدة القريتين، محافظة حمص، لأسرة لها جذور تاريخية في المنطقة. Vikipedi+1
الأسرة تُقال إنها من نفس عائلة “الدروبي” ذات الخلفية المعروفة، وأن جدودها من الشخصيات التي ارتبطت بالحياة السياسية السوريّة قبل الحقبة المعاصِرة. Vikipedi+1
دراستها الأدبية كانت واضحة من البداية، إذ تخصصت في اللغة العربية والأدب، ونالت بكالوريوس الأدب العربي – إجازة الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة إدلب. Vikipedi+2Instagram+2
يُمكن اعتبار هذا المسار العلمي “مفاجئًا” إذا ما أخذنا في الحسبان الخلفية التي مرّت بها البلاد من اضطرابات، انتقالات سياسية، وتحولات كبيرة. فلطيفة لم تنتظر الراحة، بل تابعت حلمها التعليمي حتى الخاتمة، في وقت تُجزّع فيه الكثير من النساء من فكرة تجاوز الصعوبات للوصول إلى التعلّم المستمر. Vikipedi+1
2. اللحظة التي تغير كل شيء: الانتقال نحو الضوء العام
لطيفة الدروبي ظلت لفترة طويلة شخصية بعيدة عن الأضواء، “غامضة” في الإعلام، غير ناشطة بشكل علني في الفضاء العام. لكن مع تولّي زوجها أحمد الشرع رئاسة سوريا مرحليًا في 29 يناير 2025، تغيرت المعادلة؛ إذ أصبحت السيدة الأولى — وهو دور تقليدي لكنه ثقيل بالمغزى والتوقعات. Vikipedi+1
أول ظهور علني مهم كان أثناء زيارة رسمية للسعودية، ثم زيارة تركيا، ومجموعة لقاءات رسمية مع شخصيات مثل زوجة الرئيس التركي، حضورها لاحتفالات وأعياد وطنية، ومشاركتها في منتديات دبلوماسية وإطلاق مبادرات مثل “صفر نفايات”. Vikipedi+3Vikipedi+3alarab.co.uk+3
ولأنها أيضاً أنهت دراستها ثم تخرجت مؤخرًا (2025) أثناء وجودها في هذا المنصب، كان للكلمة التي ألقتها في جامعة إدلب وقعٌ خاص؛ لأنها اختلطت فيها الطالبة مع السيدة الأولى، الحلم الشخصي مع الرسالة العامة. Vikipedi+1
3. الرمزية في المظهر والتوجه الاجتماعي
لطيفة تمثل تغيّرًا ونمطًا جديدًا في تمثيل السيدة الأولى:
-
ظهرت محجّبة بزي تقليدي سوري، دون النقاب، مما أثار اهتمامًا واسعًا، لأنه دمج بين الالتزام والمظهر الذي لا يُبعدها عن الناس. Vikipedi+2Vikipedi+2
-
حرصت في ظهورها أن تكون إلى جانب زوجها في مناسبات رسمية وإنسانية، مشاركة في فعاليات تربوية، اجتماعية، رمزية — مثل تكريم أبناء الشهداء. هذا لا يعني حضورًا إعلاميًا متراجعًا فحسب، بل اختيارًا دقيقًا للسياق والمضمون. Vikipedi+2alarab.co.uk+2
-
واحدة من الرموز المهمة في خطابها الأخير: عند تخريجها من الجامعة، قالت إنها لا تقف “بصف السيدة الأولى” فقط، بل “طالبة سورية تحمل الحلم”؛ هذه الجملة، قصيرها وقوامها، تُشير إلى رغبة في الربط بين المرتبة الرسمية وبين الشخصية الإنسانية، بين المنصب وبين التحديات التي يواجهها المواطن العادي. Instagram+1
4. التحديات التي أمامها — وأمام السيدة الأولى في مرحلة التحوّل
أن تكون سيدة أولى في بلد يمرّ بمرحلة انتقالية، هو مسؤولية كبيرة، فالأمر لا يقتصر على البروتوكول أو الظهور الإعلامي، بل:
-
التوازن بين الخصوصية والوضع الرسمي: لطيفة حتى الآن تحاول أن تحافظ على خصوصية صفحة من حياتها، لكنها أيضًا لا تستطيع أن تختفي تمامًا، فالشفافية والمتابعة العامة تتطلب وضوحًا أحيانًا. Vikipedi+1
-
التوقعات العالية من المجتمع: الناس تتابع كل ظهور، كل خطاب، كل مبادرة، وتقارنها بالرموز السابقة. التناقض بين الصورة المثالية والتحديات الواقعية يمكن أن يولد نقدًا قويًا.
-
الموضع الرمزي يتطلب الأفعال: الرمزية وحدها لا تكفي؛ الجمهور يحتاج مبادرات ملموسة — في التعليم، في إعادة الإعمار، في حقوق المرأة، في العدالة، في الحياة اليومية. كيف تُترجَم الرمزية إلى سياسات فعلية أو مساهمات واقعية؟
-
الاستمرارية: الظهور في عدد من المناسبات مهم، لكن استمرار العمل — سواء في القضايا الإنسانية أو الاجتماعية — هو الذي سيترك الأثر الدائم.
5. الرؤية الممكنة: ما يمكن أن تمثّله لطيفة الدروبي لسوريا والأجيال القادمة
إليك مُستَقبَلًا مُمكنًا تتبلور فيه فكرة السيدة الأولى بطلة، لا مشهورة فقط:
-
أن تُصبح جسرًا بين الدولة والمجتمع، صوتًا للتعليم، للحوار، للتأكيد على الحقوق الأساسية — المرأة، الطفل، المتضرّرين من الحرب.
-
أن تُستخدم رمزية المنصب لتشجيع التعلّم المستمر، خصوصًا للفتيات في المناطق المحرومة، بأن التعليم ليس فقط مطلبًا بل هو وسيلة لاستعادة الكرامة والأمل.
-
أن تمثّل نموذجًا للمرأة السورية المعاصِرة — محافظة في قيمها، حرة في اختياراتها، مشاركة في الحيز العام، لكن دون أن تُفقد بنفسها أو تُركّع لضغوط الصورة أو التوقعات البراقّة.
-
أن تترك إرثًا لا يُقاس بعدد صورها أو خطواتها العامة فقط، وإنما بما أحدثته من تغيير صغير يُلمَس في حياة الناس — إن كان في كلمة طيبة، مبادرة اجتماعية، أو حضور يجعل المرايا التي تنظر إليها الأجيال القادمة تقول: “إنها تبدأ من هنا، من الحلم، من الصبر، من الموقف”.
خاتمة – لماذا لطيفة الدروبي ليست مجرد “الزوجة الأولى”
لطيفة الدروبي ليست مجرد عنوان جديد لخانة في جدول السِيَاسيين أو الوجوه الرسمية. إنها في الرمزية التي تحملها: امرأة متعلّمة، وُلدت في بلد مزقته الحرب والرعب، تحمل حلمًا بالتعلّم والكرامة، وتخرجت وسط رماد التحديات لتجد نفسها أمام مسؤولية كبرى — أن تكون صوتًا لمن لا صوت له، أن تكون عنوانًا للتغيير الهادئ، وأن تُثبت أن دور السيدة الأولى لا يُقارن بما فوقه، بل بما يختاره المرء أن يؤديه.
في عالمٍ تركّز فيه الأضواء على الصراخ، تختار لطيفة أن يتكلّم حضورها ولمسها قبل كل شيء، وتُظهِر أن الرمزية — إذا صحّت الظلال المحيطة بها — يمكن أن تُضيء الطرق التي لا تراها العين أولاً، لكنها القلب لا يخطئها.